مجتمع

الأزمة الاقتصادية تلغي “الكريسماس” عند معظم اللّبنانيين

يحتار اللّبناني هذا العام إذا كان بإمكانه التّجرؤ على التفكير بعشاء “الكريسماس” أو الاكتفاء بالتّمني، وكأنّ الأحلام غير مسموحة له في ظّل الظّروف القاسية التي تعانيها البلاد، فالعيد يدقّ أجراس الفقر والحرمان، بفعل معاناة غير مسبوقة تهيمن على اللّبنانيين الذين باتوا يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعيش بعضهم على المساعدات، فيما لا تجد عائلات أخرى ما يسدّ رمقها. فبأي حال عدت يا عيد؟

ويعاني أصحاب المطاعم التي تعدّ الطّعام الجاهز وأصحاب الباتيسيري من الحالة الاقتصادية الصعبة، بعضها أُرغم على الإقفال، والبعض الآخر يعتمد على طلبات الميسورين للاستمرار في العمل، فيما يعمل آخرين باللّحم الحي مع فرق في نوعيّة وكمية الأطباق المطلوبة.

وفي السنوات السابقة، كانت عروضات الأعياد على قوالب الحلوى الخاصة بعيد الميلاد تكاد تعيق الرؤية داخل المحال التّجارية لكن الوضع هذا العام مختلف تماماً.

جورج.ن صاحب باتيسيري في منطقة فرن الشباك، يؤكد تراجع عمله بنسبة 95% بسبب تقلّبات سعر صرف الدّولار اليوميّة ومعه ارتفاع أسعار المواد الأولية، وبما أننا نشتري بالدّولار ونبيع باللّبناني أصبحت خسائرنا كبيرة جداً، وتقدّر بـ 2000 دولار يوميّاً”.

ويتابع “حركة الشراء أقل بكثير من السنوات الماضية، ففي مثل هذا الوقت من كل سنة، كان الزبائن يأتون بالعشرات، أمّا اليوم فيكتون بالحلويات من “شغل البيت”.

ويختم “المنظومة السياسية الفاسدة أفقرت الشعب و”عترته” وما بقى حدا قادر يفرح بالعيد”.

الإكتفاء بالمغارة والصلاة

وفي أجواء يسودها الأمل والسلام يحتفل أنطوان عزير من دير القمر “بالكريسماس” داخل محله وعلى طريقته، حيث تفنّن بإعداد أكبر مغارة للعيد بلمساته الفنيّة التي عكست إبداعه ابتداءً من إختيارها وصولاً إلى تزييتها.

ويقول عزير “مغارة الميلاد ترمز إلى اجتماع العائلة حولها للصلاة والتأمل، وعلّنا لا ننسى التّركيز على الانسجام مع معاني الفقر والبساطة المتجسدة في المغارة والتي تعكس واقع حال معظم اللبنانيين في هذه الأيام”.

ويلفت إلى أنّ “هذه السّنة فقد معظم اللّبنانيين مظاهر العيد بعد أن خسرت مائدته 75% من أصنافها، ولم يعد بمقدور عائلة متوسطة الدّخل تأمين تكاليف هذه المناسبة، فاستبدلت “الحبشة” بالدّجاج، كما وتمّ الاستغناء عن “البوش دو نويل” وعن القلوبات والمكسرات والألبان والأجبان والمشروبات”.

أما سلامة ميلاد الهبر من منطقة فرن الشباك فيقول “ينتظر اللّبنانيون عيد الميلاد المجيد بشوق وشغف، فهو من الأعياد التي تذكّر الإنسان بإنسانيته المتجدّدة المتجسدة بطفولة المسيح، فتبعث الإيمان والمحبة والتّعاطف مع الآخرين ومحبتهم، وطالما أنّ تلك المناسبة هي رمز للأخوّة والمحبة، قررت مع مجموعة من الأصدقاء بجمع المال وإرساله إلى عائلات محتاجة لإدخال فرحة العيد إلى بيوتهم”.

ويشدّد الهبر على أنّ “الاحتفال بعيد الميلاد هو صلاة وخشوع وتجمعات مع العائلة وليس موائد وطعام وبذخ، فالتجهيزات تبدأ في الصلوات وإنشاد التّراتيل”.

لا ثياب ولا كماليات

وغيرتَ الظّروف الاقتصاديّة من العادات السائدة في العيد، إذ لم يعد باستطاعة الناس شراء الثّياب الجديدة والهدايا، فكم من عائلة عجزت في هذا العيد عن رسم البسمة على وجوه أطفالها، بشراء الثّياب التي تكاد تضرب رقما قياسيا في الغلاء الفاحش لأسعارها، حيث يتراوح سعر أي قطعة بين 200 و350 ألف ليرة أي ما يعادل أكثر من ثلث الحدّ الأدنى للأجور.

البحصلي: أطباق خجولة

رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائيّة في لبنان هاني البحصلي يقول لـ “أحوال” “يشهد لبنان في هذا الوقت من كل عام إقبالاً كبيراً على التبضّع وشراء الحاجيات تحضيراً للاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة إلّا أن الأزمات التي مرت على لبنان في السنتين الماضيتين وتقلّبات سعر صرف الدّولار في السّوق الموازية وارتفاع الأسعار، أدّت إلى تآكل القدرة الشّرائيّة للمواطن اللّبناني، وبالتّالي فإن الطلب على المواد الغذائية والسّلع تراجع ومعظم الأشياء لم تعد موجودة ولم تعد بمتناول الجميع”.

ويضيف “رغم أنّ تحضيرات عيد الميلاد بدأت منذ حوالى الثلاث أشهر إلّا أنّ المتاجر تشهد إقبالا خجولا جداً بسبب ضعف الإمكانيات”.

ويلفت البحصلي إلى أنّ “مائدة العيد ستكون أطباقها خجولة هذا العام نسبة إلى الأعوام الماضية، وبعد أن كانت تشمل أصناف متنوعة من اللّحوم والحلويّات، تقتصر اليوم على الأطعمة التي تلائم جيب المواطن”.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى